'تطبيع مُحتمل' بين إسرائيل وسوريا.. رهين 'شرط الجولان' ؟
شرق أوسط جديد، وتطوّرات كبيرة وتحوّلات سياسية ودبلوماسية بالغة الأهمية، ستعيد توزيع مراكز الثقل، على أراضيه.
التحولات بدأت مع طوفان الأقصى، تلته الحرب الاسرائيلية على جنوب لبنان، واغتيال أبرز قيادي حركة المقاومة الاسلامية حماس، وحزب الله اللبناني، ثم سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وأخيرا الحرب الاسرائيلية الإيرانية، ليعود بعد كل هذه الأحداث مصطلح 'الاتفاقيات الإبراهيمية' إلى طاولة النقاشات واللقاءات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها الاحتلال الإسرائيلي.
'تطبيع محتمل مع سوريا'.. تصدّر هذا العنوان أبرز وأهم وسائل الاعلام العبريّة، أشهر بعد سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع الرئاسة في سوريا، ليسارع مسؤولون سوريون وصفوا بـ'المقرّبين من السلطة' لنفي هذه الأخبار، إلاّ أنّ الجولة الخليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 'أضعفت هذا النفي'، خاصة بعد الاجتماع الذي جمعه بالشرع في السعودية، والتعهّد حينها برفع العقوبات على سوريا، مقابل 'التطبيع' كما ذهب إليه بعض المحلّلين السياسيين.

'الاتفاقيات الإبراهيمية'.. ماهي؟
كانت منطقة الشرق الأوسط قد عرفت مع العُهدة الأولى للرئيس الامريكي دونالد ترامب تحولات سياسية مهمة، أيضا، كان أبرزها توقيع 'الاتفاقيات الإبراهيمية'، وهي اتفاقيات أُبرمت بين عدد من الدول العربية وهي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، والكيان الصهيوني المُحتل برعاية أمريكية.
سميت 'الاتفاقيات الإبراهيمية'، التي تعرف أيضاً باتفاقيات إبراهيم (أو أبراهام)، نسبة إلى النبي إبراهيم، الذي تنتسب إليه الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام.
'الاتفاقيات الإبراهيمية' مختلفة عن 'معاهدات السلام' التي وقّعها الأردن (عام 1994) ومصر (عام 1978) مع المُحتل، ويكمن الاختلاف في أنها لم تُبرَم نتيجة حرب بل جاءت في إطار 'تفاهمات سياسية' .

'الاتفاقيات الإبراهيمية'، تنص وفق النص الوراد على موقع وزارة الخارجية الأمريكية، على التزام الأطراف بالبنود التالية:
-أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في منطقة الشرق الأوسط وسائر أنحاء العالم
-الدعوة إلى تعزيز الجهود الرامية إلى ترسيخ الحوار بين الأديان والثقافات
-الإيمان بأن السبيل الأمثل لمواجهة التحديات يتمثل في التعاون والحوار
-السعي إلى ترسيخ قيم التسامح والاحترام لكل فرد، لبناء عالم يتمتع فيه الجميع بالحياة الكريمة والأمل
-السعي إلى القضاء على التطرف والنزاعات، من أجل توفير مستقبل أكثر إشراقاً لأطفال العالم.
-مواصلة العمل من أجل رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار في الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وهُنا لا نحتاج أن نقول أنّ هذه البنود لا تمتّ لهمجيّة الكيان الصهيوني بصلة، فلا أحد ينتظر من كيان مُحتل غاصب رمى عرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات الدوليّة، أن يفهم أو يعي المعنى الحقيقي لهذه البنود...

سوريا تلحق بموجة التطبيع العربي.. والشرط 'الجولان' ؟
عادت قضية الجولان المُحتل إلى الواجهة، مع إعلان عن تطبيع محتمل بين الاحتلال الذي يشدّد على أنّه لن يتخلى عن المرتفعات التي سيطر عليها، وسوريا التي أبدت قبولا مبدئبا للتطبيع.
وفي هذا السياق، قال وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن بقاءهم في مرتفعات الجولان يشكل شرطا أساسيا لأي اتفاق تطبيع محتمل مع سوريا، مؤكدا أن اعتراف دمشق بسيادة 'إسرائيل' على الجولان يُعد خطوة ضرورية لإبرام اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
وفي مقابلة تلفزية قال الصهيوني: "إذا أُتيحت لإسرائيل فرصة التوصل إلى اتفاق سلام أو تطبيع مع سوريا، مع بقاء الجولان تحت السيادة الإسرائيلية، فهذا في رأيي أمر إيجابي لمستقبل الإسرائيليين".
تزامنت تصريحات المحتل مع ما نقلته وسائل اعلام عبرية عن مصدر سوري مطّلع، توقع التوصل إلى اتفاق تطبيع كامل بين دمشق ومع ما يسمى بـ''تل أبيب'' قبل نهاية عام 2025، مشيرا إلى أن المحادثات ماتزال جارية برعاية مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتشجيع من رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، وطلب من الرئيس السوري أحمد الشرع.
وبحسب المصدر ذاته، يتضمّن الاتفاق انسحابا تدريجيا للاحتلال من الأراضي السورية التي سيطرت عليها بعد دخول المنطقة العازلة في ديسمبر 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، على أن تُحوَّل مرتفعات الجولان إلى 'حديقة للسلام'، دون توضيح صريح لمسألة السيادة النهائية عليها.

هَضْبة الجَوْلان.. ماذا نعرف عنها؟
هَضْبة الجَوْلان هي هضبة تقع في الزاوية الجنوبية الغربية من سوريا، يحدُّها من الجنوب نهر اليرموك، ومن الغرب بحيرة طبريا ووادي الحولة، ومن الشمال جبال لبنان الشرقية وجبل الشيخ، ومن الشرق وادي الرقاد.
احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها رسميا عام 1981، وتصنفها الأمم المتحدة "أراضي عربية محتلة نتيجة لأعمال عدوانية"، وتعرضت على مر التاريخ لتغييرات حدودية، بسبب موقعها الإستراتيجي، وطبيعة جغرافيتها المميزة وغناها الاقتصادي وثروتها المائية، فهي تُعد من المناطق الغنية بالموارد المائية، حيث تغذي مياهها نهر الحاصباني ونهر الأردن.
وفي الختام، يرى البعض أنّ 'الزمن تغيّر وأنّ المنطقة تغيّرت وأنّ التطبيع هو 'الخلاص' لدول أرهقتها الحرب والصراعات، في المقابل يرى البعض الآخر أنّ لا تبرير يمكن أن ينفي عن التطبيع صفة الخيانة لقضية ستبقى أم القضايا.
*أميرة عكرمي